اغاثة الملهوف لا تحتاج إلى ضجة
قدم سيرك مشهور إلى قرية في الريف فهرع أكثر سكان القرية مع أطفالهم ليزوروه..وكان من بين إفراد الصف الطويل الذي تشكل أمام نافذة بطاقات الدخول مزارع متواضع المظهر وقف فخورا بزوجته و أطفاله الأربعة الذين كادوا يطيرون تشوقا و فرحا بهذه المناسبة السعيدة..
و لما جاء دوره في شراء التذاكر طلب المزارع بطاقات له و لعائلته..إلا إن ما ذكرته البائعة عن ثمن البطاقات جاء كوقع الصاعقة على رأسه،
إذ كان الثمن أكثر مما توفر لديه من مال..و بقي برهة واقفا لا يعرف ماذا يفعل ..يده تتحسس النقود في جيبه و العرق يتصبب من جبينه و زوجه خافضة الرأس و أولاده يتطلعون إليه بتساؤل و جزع..
و لاحظ الرجل الذي كان يقف خلفه لما يجري، و بالرغم من أنه لم يكن يبدو أيسر حالا من المزارع إلا أنه أخرج خفية بعض النقود من جيبه و تركها تسقط على الأرض ثم ربت على كتف المزارع قائلا
(عفوا سيدي..لقد وقع منك مبلغ من المال..)
ثم انحنى ليلتقط النقود و يعطيها له..
نظر المزارع إلى الرجل و الدمعة تسقط على وجنته نظرة حملت كل معاني التقدير و الامتنان و هو يقول
(شكرا يا سيدي..شكرا جزيلا..لن أنسى لك هذا الفضل ما حييت)